الدليل الموجز لأعمال الصيانة والترميم فى فى مواقع التنقيب عن الآثار
الدليل الموجز فى المعالجات الفورية للمواد الأثرية المكتشفة حديثاً فى مواقعالحفائر ملخص :
تنوعت البحوث فى مجال صيانة الآثار على أساس مادة صُنْع الأثر ، مما أعطى الكثير من المعلومات القيمة عن أساليب صيانة كل مادة أثرية . وعلى الرغم من ذلك ، فإن تحقيق أكبر قدر من الحفظ يقتضى نظرةً أخرى ، مختلفة ومكملة ، بحيث يتم النظر إلى أعمال الصيانة كمراحل متتابعة ، لكل مرحلة خصائصها المتفردة من حيث عوامل التلف المحتملة وأساليب الصيانة الواجب توفيرها . وسوف نتناول مرحلة المعالجات الفورية فى مواقع الحفائر لمواد أثرية متنوعة ، حيث لا توجد مادة أثرية لا تحتاج إلى توفير أسس الصيانة الوقائية لها لحظة الكشف عنها من التعريض والرفع الآمنين وننتهى إلى كيفية الحفاظ على ما تم تحقيقه فى هذه المرحلة من نتائج .
مقدمه :
عند الكشف عن المواد الأثرية فى مواقع الحفائر ، فإنها تكون قد وصلت إلى درجة من الحفظ أو التلف ، تتحدد بناءً على استجابة المادة الأثرية لخواص الرواسب الأثرية المحيطة بها . و الرواسب الأثرية هى التربة التى مارس عليها الإنسان حياته وغطت مخلفاته ، و يعرّفها مرمم الحفائر بأنها : "بيئة دفن تساعد حفظ المادة الأثرية المدفونة بها أو تلفها بمعدلات تتفاوت بناءاً على : خواص التربة (الطبيعية،الكيميائية،الحيوية) ، ونوع المادة المدفونة . وتختلف هذه البيئة عن بيئة التعريض اختلافاً يؤدى إلى قطْع حالة الاتزان التى توفرها بيئة الدفن فى معظم الحالات ، عند الكشف ". تضم الآثار مواداً متباينة الخواص ، مما يجعل من كل مادة أثرية حالة خاصة فى تفاعلاتها مع البيئة المحيطة بها. وهى يمكن أن تُقسَّم إلى :
( أ ) آثار عضوية organic object وتنقسم إلى :
1- بروتينية 2- سليلوزية
( ب ) آثار غير عضوية مسامية porous inorganic objects ومن أمثلتها :
1-مواد البناء المسامية 2- الفخار
( ج ) آثار غير عضوية غير مسامية non porous inorganic objects ومن أهم أمثلتها :
1 - المعادن 2- الزجاج
خصائص بيئة التعريض ( بيئة الهواء الجوى ) : تختلف بيئة التعريض (بيئة الهواء الطلق) عن بيئة الدفن (فى الرواسب الأثرية) فى العديد من الخصائص اختلافاً كبيراً ، مما ينعكس على درجة التلف الذى تتعرض له المكتشفات فور التعريض ، ثم التلف طويل المدى الذى تتعرض له نتيجة البقاء فى بيئة الهواء الطلق ، ومن أهم خصائص بيئة الهواء الجوى ما يلى :
(1) تركيب الهواء الجوى : المكونات الأساسية للهواء الجوى النقى الجاف هى: نتروجين (78.1%)، أكسجين (20.9)، أرجون (9ر%) , وثانى أكسيد الكربون (35ر%). بينما لا تزيد نسبة الأكسجين فى هواء التربة عن 10 –12% فى حين قد يبلغ تركيز ثانى أكسيد الكربون مئات المرات من نسبته فى الهواء الجوى. ويؤثر التلوث فى تركيب الهواء الجوى مما يسبب تلف المواد الأثرية ، خاصةً على المدى البعيد .
(2)التغيرات المناخية: تتصف بيئة التعريض بتقلباتها المناخية . فإضافةً إلى اختلافها عن بيئة الدفن ، فإن بيئة التعريض نفسها متقلبة مناخياً (يومياً وموسمياً) . وأهم مجالات هذا التقلب عاملان أساسيان ، هما : المحتوى المائى للهواء الجوى (الرطوبة النسبية) ، و درجة الحرارة ، اللذان يحيطان بالمكتشفات ويقومان بدور كبير فى تلفها: أ- الرطوبة النسبية : تتحكم كمية الماء المنتشر فى الهواء كبخار في كمية الماء فى المواد التى يحيط بها هذا الهواء . ولذلك يتأثر المحتوى المائى للمواد الأثرية بالرطوبة النسبية للهواء المحيط بها . و التى من المعتاد أن تكون بعد الكشف أقل منها قبله. ب- درجة الحرارة : وهى فى بيئة التعريض أعلى منها فى الرواسب الأثرية دائماً ، كما أنها تتميز فى بيئة التعريض بالتقلب اليومى و السنوى ، بينما تكون أكثر ثباتاً فى بيئة الدفن. وقد يؤدى تغير بسيط فى درجة الحرارة إلى حدوث تأثيرات عديدة ، لكن تغير الحرارة فى حد ذاته ليس فى مثل أهمية تغير الرطوبة، إلا من حيث كونه يؤدى إلى تغير الرطوبة.
(3)الميكروبات : التربة هى المصدر الرئيسى لتلوث الهواء بالميكروبات. وتختلف أنواع الميكروبات الموجودة بالهواء باختلاف المنطقة وظروفها . والعامل المحدد للنشاط الحيوى فى بيئة التعريض هو الرطوبة ، إضافة إلى المادة الغذائية التى قد يكون مصدرها هو التربة الملتصقة بالأثر أو الغبار المتراكم عليه ، أو مواد اللف و التغليف أو الأثر نفسه.
(4) الضوء : يقع التأثير الرئيسى للضوء على أسطح المواد الأثرية المعتمة وهى فى الغالب تكون أهم أجزائها . و هو يسبب التغير اللونى كما يغير من قوة المواد العضوية الرقيقة كالمنسوجات والمخطوطات ، ويدمر وسائط التلوين فى المواد الملونة.
التلف الناتج عن التعريض : يتحدث الكثيرون عن كيفية حفظ الفراعنة لآثارهم لآلاف السنين ، وهو الأمر الذى قد يُعزى إلى إحكام غلق المقابر وعزلها عن البيئة الخارجية ، كما أن إحكام غلق المقابر ساعد على خلق نوع من الاتزان بين المواد الأثرية وبين بيئتها المحدودة.
لذلك فكثيراً ما يُلاحظ أن المكتشفات جيدة الحفظ لا تلبث أن تتلف بعد الكشف. وتتعرض المكتشفات للتلف على مستويين : أولهما فورى ، ناتج عن التعريض . والثانى طويل المدى ، ناتج عن البقاء فى بيئة غير مستقرة.
(1) التلف الفورى الناتج عن تعريض المواد العضوية : الآثار العضوية مواد هيجروسكوبية خلوية التركيب ، يزداد حجمها أو يتقلص حسب مستوى الرطوبة النسبية، التى تعتبر أهم عوامل التلف الفورى . فالمواد العضوية المستخرجة من رواسب رطبة تفقد ماءها عند الكشف ، فى حين أن تلك المستخرجة من رواسب جافة تمتص الماء من الهواء الجوى إذا كانت رطوبته النسبية مرتفعة. فإذا ما فقدت المادة محتواها المائى ظهر ذلك على شكل تشققات أو تفتت أو التفاف أو تهشم وهكذا. أما إذا امتصت المادةُ الرطوبةَ من الهواء الجوى فإن التلف هنا يعتمد على النظرية الهيجروسكوبية حيث يشجع ارتفاعُ المحتوى المائى التلفَ الحيوى. تتصف بيئة التعريض أيضاً بوفرة الأكسجين مما يعنى إمكانية حدوث تفاعلات الأكسدة ، مع ازدهار الميكروبات الهوائية وتزداد جميع هذه الأنشطة فى وجود الماء.كما يُتلف الضوء المواد العضوية حيث يتسبب فى أكسدة المواد الملونة، ويمكن أن تختفى الألوان خلال دقائق من التعريض. كما أن الضوء يساعد نمو الميكروبات التى تسبب إفرازاتها الحمضية تلف النقوش ، كما تحجب الطحالب النقوش الملونة وتشوه منظرها . ومع ذلك تبقى الرطوبة النسبية هى العامل الحاسم فى تلف المواد العضوية عند التعريض . و يتشابه الخشب (سليلوزي) مع الجلد (بروتينى) فى خضوعهما لتلف شديد عند تعريضهما لظروف جافة بعد البقاء فى بيئة دفن رطبة لفترات طويلة . أما عند تعريض أثر جاف لبيئة رطبة فإن الخطر يكمن في التلف الحيوى.
(2) التلف الفورى الناتج عن تعريض الآثار غير العضوية المسامية : المواد غير العضوية المسامية مثل المنشآت وأسطحها المزينة تكون حساسة لعوامل التلف الفورى عند الكشف و التعريض لبيئة الهواء الجوى، فالكشف يجعلها على اتصال بهواء أكثر جفافاً يُبخر الماء المالئ للمسام ، فيهاجر الماء من وسطها نحو السطح آخذاً معه الأملاح الذائبة التى تتبلور عليه وتغطيه براسب أبيض . وقد يحدث التبلور تحت السطح الأقل نفاذية ، إذا كان للمادة مثل هذا السطح غير المنفذ ، وعندئذٍ يضغط الملح على المسام مما يؤدى لتشققها وتقشر الأثر. وعلى الرغم من تأثير كل من الضوء و الأكسجين (وهما خطرين) إلا انهما ليسا فى خطورة الرطوبة التى تشجع التلف الحيوى . ومن الممكن تمييز نوعين خطيرين من البكتريا ، الأولى مؤكسِدة للكبريت ، وأهم ما تنتجه حمض الكبريتيك الذى يحول كربونات الكالسيوم إلى كبريتات كالسيوم . أما البكتريا المثبتة للنتروجين فأهم ما تنتجه حمض النيتريك الذى يهاجم المواد الكربوناتية ليكون نيترات الكالسيوم القابلة للذوبان فى الماء . وهما مع مجموعة من الفطريات والطحالب والأشنة ، ينتجون أحماضاً عضوية منها : الأكزاليك والكربونيك والجلوكونيك ، كما تفرز الطحالب والأشنة أحماض : الخليك ، اللاكتيك ، والبيروثيك. وهى تتلف الأحجار الجيرية بخاصة .
(3) التلف الفورى الناتج عن تعريض الآثار غير المسامية "الصماء": تتعرض الآثار العضوية لتلف خطير عند التعريض نظراً لهيجروسكوبيتها . أما الآثار غير العضوية المسامية فتتعرض للتلف فور التعريض نتيجة لحركة المحاليل الملحية داخل مسامها عند الجفاف . أما الآثار غير العضوية غير المسامية "الصماء" فلا تخضع لتأثير هاتين العمليتين ، ويعتمد تلفها على التفاعل الكيميائى أوالكهروكيميائى بصورة مباشرة ، لذلك فلن تخضع للتلف الفورى بصورة واضحة. مالم يتم التغليف والتخزين فى ظروف غير مناسبة . الكشف الآمن عن المواد الأثرية "أساليب تعريض ورفع المكتشفات الأثرية" يحدث تلف المكتشفات فى مواقع الحفائر نتيجةً لأحد عاملين أو كليهما . الأول هو التلف الميكانيكى الناتج عن الحفر والرفع والتناول . والثانى هو التلف الناتج عن الصدمة البيئية وكسر حالة الاتزان السائدة فى بيئة الدفن . وتتحقق حماية المواد الأثرية من هذين النوعين من التلف من خلال تنفيذ تدابير التعريض والرفع الآمنين تنفيذاً صحيحاً فى مواضع الكشف عن المواد الأثرية. ويتحقق ذلك عن طريق اتباع الطرق المناسبة لتعريض ورفع المكتشفات . أولاً التعريض الآمن للمكتشفات من النادر وجود تحكم بيئى (مناخى) فى مواقع الحفائر ، وإن وُجِدَ فنادراً ما يكون كاملاً فهو مكلِّف للغاية ، لذلك يمكن اللجوء لاختيار الظروف المحلية المناسبة للتعريض من خلال معرفة "السلوك البيئى" للموقع. ونتيجةً لصعوبة التحكم فى بيئة الحفائر، تتغير الظروف المحيطة بالمكتشفات ، وعندما يكون التغير كبيراً وسريعاً يكون التلف شديداً ويكون العامل الرئيسى فيه هو التغير فى الرطوبة. وإذا كان التجفيف سريعاً يمكن إبطاؤه عن طريق تغطية المكتشفات ، مع عدم إغفال احتمالات نمو الميكروبات لذلك يجب ألا تكون عملية التجفيف شديدة البطء.
(1) التعريض الآمن للقى العضوية : اللقى العضوية مواد هيجروسكوبية قابلة لامتصاص أو فقد الرطوبة، مما يترتب عليه ازدياد حجمها أو تقلصها بصورة متكررة ، فإذا استخرجت من بيئة رطبة وجب حفظها فى ظروف رطبة ، ثم تنقل إلى مكان داخلى رطب لتجف ببطء لتقليل التلف إلى أقل حد ممكن، أو من خلال معالجات خاصة ، وفيما يلى طرق التعريض الآمن لمواد عضوية متنوعة . الخشب : بالرغم من أنبعض الباحثينيرون أن العثور على اللقى الخشبية جافة هو أمرٌ نادر، إلا أنه ممكن الحدوث فى البيئة المصرية ، خاصة الصحراوية ، ويمكن تفسير ذلك بأن الجفاف الشديد وندرة المواد العضوية فى التربة الرملية يمنعان النشاط الحيوى ، وأن قيمة الأس الهيدروجيني لرمال الصحراء متعادلة أو تكاد ومع الجفاف لا يكون لها تأثير يذكر. كما أن مظاهر تلف الأخشاب المكتشفة فى البيئة الصحراوية هى الهشاشية والتشقق ، مع بقاء المادة الأثرية .
عند الكشف عن أخشاب جافة تجب المحافظة عليها جافة، مع إمكانية تقوية الخشب الضعيف (فى الحالات التى تتطلب ذلك بشدة، حيث تؤدى التقوية إلى تغير لون الخشب) بالبارالويد ب 722 مع التغطية لإبطاء معدل بخر المذيب لتقليل الضغط على بناء الخشب أثناء جفاف مادة التقوية. ولن يتعرض هذا الخشب الجاف لمشكلة عند التعريض لبيئة جافة . أما عند الكشف عن أخشاب مشبعة بالماء فيجب حفظها رطبةً ، وفى حالة صعوبة النقل من التربة بعد الكشف مباشرة ، يجب الحفاظ على محتواها المائى برشها بالماء المقطر وتغطيتها. ويكون التلف أشد فى اليوم المشمس العاصف ، أى عندما تسود الموقع ظروف مجففة. وجفاف الخشب فى هذه المرحلة يسبب تلفاً غير استرجاعى لا يُجدى معه أى علاج حتى إعادة تبليل الخشب مرة أخرى. ويمكن تغليف القطع الخشبية مع إضافة بعض الماء ومضاد فطرى مناسب حيث يقى التغليف السليم الخاضع للمتابعة من أهم عوامل التلف فى هذه المرحلة وهى تغيرات درجة الحرارة وتقلبات معدلات الرطوبة النسبية.
وبذلك يكون ما قام به مرمم الحفائر هو: تأجيل الصدمة البيئية التى كان يمكن أن تؤدى إلى فناء المادة الأثرية فى ساعات قليلة على أحسن الفروض، وأطال ومد فترة الاتزان السابق عن الكشف، حتى يتم تجهيز ما قد يكون ناقصاً من مواد وتجهيزات الترميم، ووضع الخطة المثلى للصيانة. وفى الحفائر فإن الكثير من مثل هذه المكتشفات تُدمر بالكامل فى خلال ساعات أو أيام قليلة تُعد بالساعات، ويكون التعريض الآمن قد أتاح الفرصة لدراستها واستخلاص رسالتها الأثرية، والحفاظ على مادتها، وهذه هى القيمة الجوهرية لـ موضوع: التعريض الآمن، الذى وفقنا الله إليه. الجلد : عند الكشف عن جلد جاف أو شديد الجفاف يمكنتنظيفه بفرشاة جافة ، مع عدم محاولة فك طياته ويؤجَل ذلك إلى مرحلة الأقلمة . ولن تكون هناك مشاكل واضحة عند تعريض مثل هذا الجلد لظروف رطوبة نسبية منخفضة أو متوسطة وغاية الأمر أن الجلد(كمادة هيجروسكوبية) يبدأ فى امتصاص رطوبة الهواء الجوى حتى يتوازن مع بيئته الجديدة ، وفى ظروف الرطوبة المتوسطة يتم هذا التوازن قبل أن تصل رطوبة الجلد إلى الحد الذى يسمح بنمو الميكروبات . وتكمن المشكلة كلها فى ظروف التغليف و التخزين ، عندما يكون المناخ الداخلى للمخزن أو المناخ الدقيق لعبوة التغليف غير مناسب .
ومعظم الجلود المستخرجة من الحفائر تكون جلود رطبة ومشبعة بحبيبات التربة ، وقد تنمو عليها الفطريات ، خاصةً الجلود غير المدبوغة ، ويكون لونها داكن بصفة عامة ، وفاقدة لقوتها الداخلية بحيث تحتاج عند تناولها للعناية والحذر . ولا يجب ترك هذه الجلود تجف فى مواقع الحفائر . وفى حالة الجلود القوية بدرجة كافية يمكن غسلها بعناية فى الماء بفرشاة ناعمة ، وتكون تيارات الماء الضعيفة مفيدة غالباً فى إزالة الاتساخات، ولكن يجب عدم التسرع فى هذه الخطوة، لأن دراسة الشواهد الأثرية المرافقة للقية الأثرية يجب أن تكون مقدمةً على ذلك. البردى : وهو بوصفه مادة للتسجيل يُعتبر من أهم المواد الأثرية التى يمكن أن تخرجها الحفائر ، وبوصفه مادة عضوية فهو من المواد سريعة التحلل ولذلك فهو من المواد القليلة فى الحفائر . ويتم حفظ البردى فى بيئات الدفن الجافة كرمال الصحراء . حيث تظهر أعراض الجفاف على البردى عند تعرضه لجو جاف ( رطوبته النسبية أقل من 40%) أو لحرارة مرتفعة أو لكليهما معاً لمدة طويلة حيث يحدث بخر للمحتوى المائى ، وبالتالى لا يمكن أن يحتفظ بالحد الأدنى الضرورى ليحفظ ليونته الطبيعية. فأوراق البردى تفقد ليونتها بالجفاف وتستعيدها إلى درجة كبيرة إذا ما اكتسبت ثانيةً قدراً كافياً من الرطوبة . ومما يساعد كثيراً فى أعمال العلاج والصيانة أن تكون الأحبار التى كُتِبَ بها على أوراق البردى لا تتأثر إلى حد كبير بالماء أو بالمحاليل المائية . وعند تعريض البردى الجاف لبيئة جافة لن تكون هناك مشاكل خطيرة . ويكون الحذر واجباً عندما تكون رطوبة بيئة التعريض أو التخزين مرتفعة حيث يمتص البردى الرطوبة حتى يصل لاتزان جديد مع بيئته الجديدة ، وقد يشجع ذلك النشاط الميكروبى.
(2) التعريض الآمن للآثار غير العضوية المسامية : من الواضح أن المواد غير العضوية المسامية مثل المبانى الأثرية وما قد تحتويه من أسطح مزينة تكون عُرضة للتأثير الفورى لعوامل التلف. وتعتبر المسامية هى أهم ما يميز آلية تلفها. فالكشف يجعلها على اتصال بهواء أجف من هواء بيئة الدفن ، فتتبلور الأملاح داخل مسام هذه الآثار ، مما قد يؤدى إلى تفتت المادة وتقشر السطح بدرجات متفاوتة. الفخار : وهو من أكثر المواد شيوعاً فى الحفائر وله أهميته الخاصة للمنقب . عندما يتم الكشف عن أثر فخارى رطب فى بيئة غنية بالأملاح القابلة للذوبان فى الماء ، فإنه يجب أن يوضع فى مكان درجة حرارته منخفضة ، حيث يعتبر مثل هذا الفخار غير مستقر . والمادة المتلفة الكامنة داخل المسام هنا هى الأملاح الذائبة فى الماء فى الماء ، فهى أملاح هيجروسكوبية تذوب و تتبلور بصورة متكررة بارتفاع وانخفاض الرطوبة النسبية المحيطة . وعندما تصل فى النهاية إلى سطح الإناء ، فإنها تؤدى إلى تقشره وقد يتحطم الإناء نتيجة الضغوط الداخلية.
هذه هى الآلية العامة لتلف الفخار والمواد المسامية عامةً ، وإن كانت بعض المواد المسامية لها آليات تلف إضافية خاصة بها كالطوب اللبن والنقوش الجدارية . أما بالنسبة للفخار كمادة مسامية ، فيجب عدم تعريضه لبيئة أجف من بيئة دفنه ، أو ذات درجة حرارة مرتفعة ، مع عدم السماح بتكرار التردد بين الرطوبة والجفاف ، والحفاظ على ثبات الظروف المناخية المحيطة بالأثر لحين أقلمته نهائياً.ويمكن غمر الأوانى الفخارية التى لا تشتمل على رسوم أو كتابات ملونة فى الماء بعد التأكد من خلوها من أى بقايا تفيد فى التعرف على مظاهر الحياة فى الماضى . أما بالنسبة للفخار الجاف فإن تعريضه لا يمثل أى مشكلة حيث من النادر أن تكون بيئة الدفن أجف من بيئة التعريض. الطوب اللبن : تفقدالمبانى الطينية بمجرد تعريضها للجفاف الماءَ الحر المحبوس فى المسام . ويترتب على ذلك حدوث انكماش كبير فى حجم قوالب اللبن وملاط الحوائط ينتج عنه شروخ رأسية فى جميع أجزاء المبنى . لذلك فإن المبانى الطينية التى كانت محفوظة جيداً أثناء الدفن ، تجب حمايتها بمجرد الكشف ، ويتحقق ذلك من خلال ثلاثة بدائل : فإما الحماية الكلية بعمل مظلة ذات ميول و أنظمة صرف بحيث تمنع تكون أى تجمعات مائية ، أو حماية كلية أخرى بإعادة الدفن ، وإما حماية جزئية عن طريق تغطية قمم الجدران وتقوية الشيد المتبقى والتخطيط لصرف ماء المطر ومعالجة الأسطح الرأسية ، وباستثناء عمل مظلة واقية (قبل مواصلة الكشف) فإن الاختيارين التاليين يتعاملان مع التلف الناتج بعد التعريض والصدمة البيئية، وليس التلف الناتج عن التعريض نفسه أو التلف الناتج عن الصدمة البيئية .
(3) تعريض الآثار غير العضوية غير المسامية : يعتمد تلف هذا النوع من المواد على التلف الكيميائى والكهروكيميائى بصفة أساسية، ولأن هذه المواد غير عضوية فإن الميكروبات لا تهاجمها مباشرةً . كما أن هذه المواد ليست مسامية ولذلك لا تتخللها الأملاح فتدمرها ميكانيكياً عند التعريض. ومع ذلك فهى تحتاج عناية أخصائى الصيانة عند التعريض . المعادن : يعتبر مرض البرونز أخطر ما يصيب النحاس والسبائك التى يدخل فى تركيبها . و ينشط مرض البرونز فى رطوبة نسبية فوق 45% ، ويمكن أن يسبب تدمير الأثر فى خلال ساعة واحدة من الكشف. وبالتالى فإن التعريض الآمن للنحاس وسبائكه يتطلب رطوبة نسبية لا تزيد عن 35 % . أما المشغولات الحديدية فتغلف جافة تحت رطوبة نسبية 15%. فهى من أسرع المعادن الأثرية تلفاً ، ويتحقق التحكم فى الرطوبة باستخدام السليكا جل . الزجاج : يجب عدم تعريض الزجاج المكتشف لأى صدمات فيزيائية أو حرارية. و الزجاج المكتشف جافاً يحفظ جافاً ، وتكفى فرشاة جافة لتنظيفه فى هذه المرحلة . ويمكن تطبيق قطرات من الكحول أو الماء المقطر موضعياً لتطرية الاتساخات الصلبة . ويمكن غسل الزجاج القوى – عند الضرورة فقط وبعد دراسة السطح جيداً والتأكد من عدم وجود قشور قزحية من صدأ الزجاج أو شواهد أثرية يخشى عليها – لكن التنظيف الجاف هو الأفضل فى هذه المرحلة . ويجب عدم إزالة أو تقوية طبقة البشرة السطحية الرقيقة على الزجاج لأنها هى السطح الأصلى.
1 التعليقات so far
هدف كل أثر هو العمل على بقاء المقتنيات الأثرية لذلك نحث على الاستفاده من الموقع